تعديل

الأربعاء، 25 فبراير 2015

شعر ل ابو تمام


أبو تمام هو حبيب بن أوس بن الحارث الطائي، وهو أحد أمراء البيان، ولد بإحدى قرى حوران بسورية وهي قرية جاسم وانتقل إلى مصر استدعاه المعتصم إلى بغداد وقدمه على شعراء وقته لذلك أقام في العراق ومن ثم تولى بريد الموصل فلم يتم سنتين حتى توفي بها.
بشعره قوة وجزالة، له عدة دواوين منها فحول الشعراء، وديوان الحماسة، ومختار أشعار القبائل، ونقائض جرير والأخطل، من أجمل قصائده على الاطلاق قصيدة (السيف أصدق) أترككم مع أبيات القصيدة:

السيف أصدق

السَّيْفُ أَصْدَقُ أَنْبَاءً مِنَ الكُتُبِ

فِي حَدهِ الحَدُّ بَيْنَ الجِد واللَّعِبِ

بيضُ الصَّفَائِحِ لاَ سُودُ الصَّحَائِفِ فِي

مُتُونِهنَّ جلاءُ الشَّك والريَبِ

والعِلْمُ فِي شُهُبِ الأَرْمَاحِ لاَمِعَةً

بَيْنَ الخَمِيسَيْنِ لافِي السَّبْعَةِ الشُّهُبِ

أَيْنَ الروايَةُ بَلْ أَيْنَ النُّجُومُ وَمَا

صَاغُوه مِنْ زُخْرُفٍ فيها ومنْ كَذِبِ

تَخَرُّصَاً وأَحَادِيثاً مُلَفَّقَةً

لَيْسَتْ بِنَبْعٍ إِذَا عُدَّتْ ولاغَرَبِ

عَجَائِباً زَعَمُوا الأَيَّامَ مُجْفِلَةً

عَنْهُنَّ فِي صَفَرِ الأَصْفَار أَوْ رَجَبِ

وخَوَّفُوا الناسَ مِنْ دَهْيَاءَ مُظْلِمَةٍ

إذَا بَدَا الكَوْكَبُ الْغَرْبِيُّ ذُو الذَّنَبِ

وَصَيَّروا الأَبْرجَ العُلْيا مُرَتِّبَةً

مَا كَانَ مُنْقَلِباً أَوْ غيْرَ مُنْقَلِبِ

يقضون بالأمرِ عنها وهْيَ غافلةٌ

مادار فِي فلكٍ منها وفِي قُطُبِ

لو بيَّنت قطّ أَمراً قبْل مَوْقِعِه

لم تُخْفِ ماحلَّ بالأوثانِ والصُّلُبِ

فَتْحُ الفُتوحِ تَعَالَى أَنْ يُحيطَ بِهِ

نَظْمٌ مِن الشعْرِ أَوْ نَثْرٌ مِنَ الخُطَبِ

فَتْحٌ تفَتَّحُ أَبْوَابُ السَّمَاءِ لَهُ

وتَبْرزُ الأَرْضُ فِي أَثْوَابِهَا القُشُبِ

يَا يَوْمَ وَقْعَةِ عَمُّوريَّةَ انْصَرَفَتْ

مِنْكَ المُنَى حُفَّلاً مَعْسُولَةَ الحَلَبِ

أبقيْتَ جِدَّ بَنِي الإِسلامِ فِي صَعَدٍ

والمُشْرِكينَ ودَارَ الشرْكِ فِي صَبَبِ

أُمٌّ لَهُمْ لَوْ رَجَوْا أَن تُفْتَدى

جَعَلُوا فدَاءَهَا كُلَّ أُمٍّ مِنْهُمُ وَأَب

وَبَرْزَةِ الوَجْهِ قَدْ أعْيَتْ رِيَاضَتُهَا

كِسْرَى وصدَّتْ صُدُوداً عَنْ أَبِي كَرِبِ

بِكْرٌ فَما افْتَرَعَتْهَا كَفُّ حَادِثَةٍ

وَلا تَرَقَّتْ إِلَيْهَا هِمَّةُ النُّوَبِ

مِنْ عَهْدِ إِسْكَنْدَرٍ أَوْ قَبل ذَلِكَ قَدْ

شَابَتْ نَواصِي اللَّيَالِي وهْيَ لَمْ تَشِبِ

حَتَّى إذَا مَخَّضَ اللهُ السنين لَهَا

مَخْضَ البِخِيلَةِ كانَتْ زُبْدَةَ الحِقَبِ

أَتَتْهُمُ الكُرْبَةُ السَّوْدَاءُ سَادِرَةً

مِنْهَا وكانَ اسْمُهَا فَرَّاجَةَ الكُرَبِ

جَرَى لَهَا الفَألُ بَرْحَاً يَوْمَ أنْقِرَةٍ

إذْ غُودِرَتْ وَحْشَةَ السَّاحَاتِ والرِّحَبِ

لمَّا رَأَتْ أُخْتَها بِالأَمْسِ قَدْ خَرِبَتْ

كَانَ الْخَرَابُ لَهَا أَعْدَى من الجَرَبِ

كَمْ بَيْنَ حِيطَانِهَا مِنْ فَارسٍ بَطَلٍ

قَانِي الذَّوائِب من آني دَمٍ سَربِ

بسُنَّةِ السَّيْفِ والخطي مِنْ دَمِه

لاسُنَّةِ الدين وَالإِسْلاَمِ مُخْتَضِبِ

لَقَدْ تَرَكتَ أَميرَ الْمُؤْمنينَ بِها

لِلنَّارِ يَوْماً ذَليلَ الصَّخْرِ والخَشَبِ

غَادَرْتَ فيها بَهِيمَ اللَّيْلِ وَهْوَ ضُحًى

يَشُلُّهُ وَسْطَهَا صُبْحٌ مِنَ اللَّهَبِ

حَتَّى كَأَنَّ جَلاَبيبَ الدُّجَى رَغِبَتْ

عَنْ لَوْنِهَا وكَأَنَّ الشَّمْسَ لَم تَغِبِ

ضَوْءٌ مِنَ النَّارِ والظَّلْمَاءُ عاكِفَةٌ

وَظُلْمَةٌ مِنَ دُخَانٍ فِي ضُحىً شَحبِ

فالشَّمْسُ طَالِعَةٌ مِنْ ذَا وقدْ أَفَلَتْ

والشَّمْسُ وَاجِبَةٌ مِنْ ذَا ولَمْ تَجِبِ

تَصَرَّحَ الدَّهْرُ تَصْريحَ الْغَمَامِ لَها

عَنْ يَوْمِ هَيْجَاءَ مِنْهَا طَاهِرٍ جُنُبِ

لم تَطْلُعِ الشَّمْسُ فيهِ يَومَ ذَاكَ على

بانٍ بأهلٍ وَلَم تَغْرُبْ على عَزَبِ

مَا رَبْعُ مَيَّةَ مَعْمُوراً يُطِيفُ بِهِ

غَيْلاَنُ أَبْهَى رُبىً مِنْ رَبْعِهَا الخَرِبِ

ولا الْخُدُودُ وقدْ أُدْمينَ مِنْ خجَلٍ

أَشهى إلى ناظِري مِنْ خَدها التَّرِبِ

سَماجَةً غنِيَتْ مِنَّا العُيون بِها

عَنْ كل حُسْنٍ بَدَا أَوْ مَنْظَر عَجَبِ

وحُسْنُ مُنْقَلَبٍ تَبْقى عَوَاقِبُهُ

جَاءَتْ بَشَاشَتُهُ مِنْ سُوءِ مُنْقَلَبِ

لَوْ يَعْلَمُ الْكُفْرُ كَمْ مِنْ أَعْصُرٍ كَمَنَتْ

لَهُ العَواقِبُ بَيْنَ السُّمْرِ والقُضُبِ

تَدْبيرُ مُعْتَصِمٍ بِاللهِ مُنْتَقِمٍ

للهِ مُرْتَقِبٍ فِي اللهِ مُرْتَغِبِ

ومُطْعَمِ النَّصرِ لَمْ تَكْهَمْ أَسِنَّتُهُ

يوْماً ولاَ حُجِبَتْ عَنْ رُوحِ مُحْتَجِبِ

لَمْ يَغْزُ قَوْماً، ولَمْ يَنْهَدْ إلَى بَلَدٍ

إلاَّ تَقَدَّمَهُ جَيْشٌ مِنَ الرعُبِ

لَوْ لَمْ يَقُدْ جَحْفَلاً ، يَوْمَ الْوَغَى ، لَغَدا

مِنْ نَفْسِهِ ، وَحْدَهَا ، فِي جَحْفَلٍ لَجِبِ

رَمَى بِكَ اللهُ بُرْجَيْهَا فَهَدَّمَها

ولَوْ رَمَى بِكَ غَيْرُ اللهِ لَمْ يُصِبِ

مِنْ بَعْدِ ما أَشَّبُوها واثقينَ بِهَا

واللَّهُ مِفْتاحُ بَابِ المَعقِل الأَشِبِ

وقال ذُو أَمْرِهِمْ لا مَرْتَعٌ صَدَدٌ

للسَّارِحينَ وليْسَ الوِرْدُ مِنْ كَثَبِ

أَمانياً سَلَبَتْهُمْ نُجْحَ هَاجِسِها

ظُبَى السُّيُوفِ وأَطْرَاف القنا السُّلُبِ

إنَّ الحِمَامَيْنِ مِنْ بِيضٍ ومِنْ سُمُرٍ

دَلْوَا الحياتين مِن مَاءٍ ومن عُشُبٍ

لَبَّيْتَ صَوْتاً زِبَطْرِيًّا هَرَقْتَ لَهُ

كَأْسَ الكَرَى وَرُضَابَ الخُرَّدِ العُرُبِ

عَداكَ حَرُّ الثُّغُورِ المُسْتَضَامَةِ عَنْ

بَرْدِ الثُّغُور وعَنْ سَلْسَالِها الحَصِبِ

أَجَبْتَهُ مُعْلِناً بالسَّيْفِ مُنْصَلِتاً

وَلَوْ أَجَبْتَ بِغَيْرِ السَّيْفِ لَمْ تُجِبِ

حتّى تَرَكْتَ عَمود الشرْكِ مُنْعَفِراً

ولَم تُعَرجْ عَلى الأَوتَادِ وَالطُّنُبِ

لَمَّا رَأَى الحَرْبَ رَأْيَ العين تُوفَلِسٌ

والحَرْبُ مُشْتَقَّةُ المَعْنَى مِنَ الحَرَبِ

غَدَا يُصَرفُ بِالأَمْوال جِرْيَتَها

فَعَزَّهُ البَحْرُ ذُو التَّيارِ والحَدَبِ

هَيْهَاتَ ! زُعْزعَتِ الأَرْضُ الوَقُورُ بِهِ

عَن غَزْوِ مُحْتَسِبٍ لاغزْو مُكتسِبِ

لَمْ يُنفِق الذهَبَ المُرْبي بكَثْرَتِهِ

على الحَصَى وبِهِ فَقْرٌ إلى الذَّهَبِ

إنَّ الأُسُودَ أسودَ الغيلِ همَّتُها

يَومَ الكَرِيهَةِ فِي المَسْلوب لا السَّلبِ

وَلَّى، وَقَدْ أَلجَمَ الخطيُّ مَنْطِقَهُ

بِسَكْتَةٍ تَحْتَها الأَحْشَاءُ فِي صخَبِ

أَحْذَى قَرَابينه صَرْفَ الرَّدَى ومَضى

يَحْتَثُّ أَنْجى مَطَاياهُ مِن الهَرَبِ

مُوَكلاً بِيَفَاعِ الأرْضِ يُشْرِفُهُ

مِنْ خِفّةِ الخَوْفِ لامِنْ خِفَّةِ الطرَبِ

إنْ يَعْدُ مِنْ حَرهَا عَدْوَ الظَّلِيم ، فَقَدْ

أَوْسَعْتَ جاحِمَها مِنْ كَثْرَةِ الحَطَبِ

تِسْعُونَ أَلْفاً كآسادِ الشَّرَى نَضِجَتْ

جُلُودُهُمْ قَبْلَ نُضْجِ التينِ والعِنَبِ

يارُبَّ حَوْبَاءَ لمَّا اجْتُثَّ دَابِرُهُمْ

طابَتْ ولَوْ ضُمخَتْ بالمِسْكِ لَمْ تَطِبِ

ومُغْضَبٍ رَجَعَتْ بِيضُ السُّيُوفِ بِهِ

حَيَّ الرضَا مِنْ رَدَاهُمْ مَيتَ الغَضَبِ

والحَرْبُ قائمَةٌ فِي مأْزِقٍ لَجِجٍ

تَجْثُو القِيَامُ بِه صُغْراً على الرُّكَبِ

كَمْ نِيلَ تحتَ سَناهَا مِن سَنا قمَرٍ

وتَحْتَ عارِضِها مِنْ عَارِضٍ شَنِبِ

كَمْ كَانَ فِي قَطْعِ أَسبَاب الرقَاب بِها

إلى المُخَدَّرَةِ العَذْرَاءِ مِنَ سَبَبِ

كَمْ أَحْرَزَتْ قُضُبُ الهنْدِي مُصْلَتَةً

تَهْتَزُّ مِنْ قُضُبٍ تَهْتَزُّ فِي كُثُبِ

بيضٌ ، إذَا انتُضِيَتْ مِن حُجْبِهَا

رَجعَتْ أَحَقُّ بالبيض أتْرَاباً مِنَ الحُجُبِ

خَلِيفَةَ اللَّهِ جازَى اللَّهُ سَعْيَكَ عَنْ

جُرْثُومَةِ الديْنِ والإِسْلاَمِ والحَسَبِ

بَصُرْتَ بالرَّاحَةِ الكُبْرَى فَلَمْ تَرَها

تُنَالُ إلاَّ على جسْرٍ مِنَ التَّعبِ

إن كان بَيْنَ صُرُوفِ الدَّهْرِ مِن رَحِمٍ

مَوْصُولَةٍ أَوْ ذِمَامٍ غيْرِ مُنْقَضِبِ

فبَيْنَ أيَّامِكَ اللاَّتي نُصِرْتَ بِهَا

وبَيْنَ أيَّامِ بَدْرٍ أَقْرَبُ النَّسَبِ

أَبْقَتْ بَني الأصْفَر المِمْرَاضِ كاسْمِهمُ

صُفْرَ الوجُوهِ وجلَّتْ أَوْجُهَ العَرَبِ

0 التعليقات:

إرسال تعليق

Twitter Delicious Facebook Digg Stumbleupon Favorites More